متاهة داخل الذاكرة
صوت " ليلي مراد " قادم في خلفية المشهد من جرامافون قديم في إحدى فيلات المعادي القديمة ...
بداية جيدة تليق بكتابة عن حي لم أجب شوارعه ليلاً بحثا عن مقهى صغير يفتح أبوابه للغرباء .
بداية جيدة تليق بكتابة عن حي لم أجب شوارعه ليلاً بحثا عن مقهى صغير يفتح أبوابه للغرباء .
المعادي ...... أيس كريم مع " لوزة "
ذاكرتي - و أي ذاكرة – مسامية و هشة ؛ لها أبواب و نوافذ ..... ، أفتح نافذة ، يطل" سيف " الهارب من الإسكندرية إلي أرصفة المعادي ، صانعا من غرفته نيويورك أخري .
" سيف " الذي رافقني و أنا أحتفل بعيد ميلادي العشرين و كنت ، حينها ، مثله أحتمي بجاكيت جلد أسود
من برد قديم . و هربنا معا إلى حلمه، إلى نيويورك
و لكن طنطا ليست روما
و نيويورك لا تشبه المعادي في الخريف.
أفتح نافذة أخري لأطل علي " لوزة " ، و أضحك معها لأن الألغاز كانت حينها سهلة ... أعلم أني سأبدو ساذجا إذا قلت أني ما زلت أبحث عنكِ ....
أعرف أنك ركضت يوما تحت المطر من باب المدرسة وصولا الي بائع الأيس كريم و كنت تعودين سعيدة ، عيونك تلمع ...........
هل ما زالت عيونك تلمع بعد أن صعبت علينا الألغاز .؟
و هل ما زلت هناك يا " سيف" تجوب شوارع المعادي ، تحلم بفتاة الأيس كريم و تغني للبنات و للمطر ؟
و لكن أين أنا من كل هذا ؟ لماذا تبدو الأمور أصعب كثيرا مما هي عليه و كيف تصبح الكتابة عن حي هادئ ، بعيد يليق برواية جاسوسية أو فيلم ما الي متاهة داخل الذاكرة .
ربما هرب سيف و انطفأت لمعة عيون لوزة و لكنني سأظل أحلم و أبحث عنهم .
-2-
" في الصباحات الوحيدة ، لا يبدد وحدتك شئ
................
................ و عندما يتكاثف بخار الشاي علي قلبك تتذكر لمعة عينيها بالدموع متي تزورها النشوة .
لم تستطع أن تتخلص من آثارها علي روحك .......... إلى متي ؟! سبتمبر 2005 "
و هاأنذا بعد عام كامل أتصفح أوراق قديمة في " العجمي " و أضحك لأني وحيدا ً – كما هي عادتي -
لا أستطيع أن أتذكر أي حبيبة تلك التي كتبت عنها !؟
أي حبيبة كانت ؟
كل حبيبة هي لغز لم أنجح أبداً في فك رموزه .....
حبيبة تركتني لأنني كنت طفلا
و أخري تركتني لأنني لم أكن عفوياً و طفلاً كفاية .
و أخري .....
و أخري
.... و أخري .
و هكذا دوائر متداخلة بين نساء هن بالتأكيد أكثر ذكاء مني ليعرفن أنني لم أكن الشخص المناسب
( مع إضافة كل العلاقات الأخرى التي فشلت بدون إبداء أسباب أو لأسباب لا يمكن ذكرها )
و لكن استعادة ذكريات بعضها مؤلم و البعض الآخر ليس سعيداً بالمرة، ليس بداية جيدة لإجازة خريفية متأخرة ...
ربما لم أتأخر بعد لكي أتخلص من كل ما يعوق روحي عن التحرر ...
و اتخذت قرارا سريعا .
أي حبيبة كانت ؟
كل حبيبة هي لغز لم أنجح أبداً في فك رموزه .....
حبيبة تركتني لأنني كنت طفلا
و أخري تركتني لأنني لم أكن عفوياً و طفلاً كفاية .
و أخري .....
و أخري
.... و أخري .
و هكذا دوائر متداخلة بين نساء هن بالتأكيد أكثر ذكاء مني ليعرفن أنني لم أكن الشخص المناسب
( مع إضافة كل العلاقات الأخرى التي فشلت بدون إبداء أسباب أو لأسباب لا يمكن ذكرها )
و لكن استعادة ذكريات بعضها مؤلم و البعض الآخر ليس سعيداً بالمرة، ليس بداية جيدة لإجازة خريفية متأخرة ...
ربما لم أتأخر بعد لكي أتخلص من كل ما يعوق روحي عن التحرر ...
و اتخذت قرارا سريعا .
ارتديت قميص مشجراً ( لكي أوجه تحية للبحر و للخريف ) و ذهبت إلى البحر
البحر ذاكرتي و مخزن أسراري ....
حاولت أثناء سيري أن أتذكر أي أغنية أدندن بها ، و لكنني فشلت ، اختلطت الكلمات في رأسي كنت مشغولا بمحاولة اصطياد جملة ما كانت تحوم في رأسي حتى وصلت للبحر
جلست طويلا ، علي الرمل مباشرة في مواجهة الموج
ثم هبت رياح خفيفة و لكن باردة و كأنها هاربة من شتاء قادم ثم أمطرت السماء
فرحت ربما كما لم افرح من قبل ....، قفزت في الماء ( فقط حتي منتصف ساقي ) و أستقبلت المطر فاتحا ذراعي للريح و للمطر .
بعد أقل من ربع ساعة عاد كل شيء لطبيعته ، أنتهي المطر ،و هدأ البحر ....
و حدي كنت سعيدا و مبتلاً تماما ....
كلمت البنت التي زارتني في الحلم أيقظتها من نوم عميق و أمليتها
.
: " إلى البنت التي تحب الشاي باللبن
عندما أمسكت بيدي في الحلم .... ضحكنا
عندها أمطرت السماء
هل كان قلبي غيمة مبتلة ؟ أم شاركتنا السماء المحبة ؟!"
: " إلى البنت التي تحب الشاي باللبن
عندما أمسكت بيدي في الحلم .... ضحكنا
عندها أمطرت السماء
هل كان قلبي غيمة مبتلة ؟ أم شاركتنا السماء المحبة ؟!"
و هكذا عدت إلى بيتي و أنا عالق في متاهة أخري، و لغز آخر جديد ....
و لكنني علي الأقل نجحت في اصطياد تلك الجملة .
سبتمبر 2006